نكوص:قصة قصيرة للقاصة الألقة ليلى المرّاني من العراق
نكوص... قصة قصيرة ليلى المرّاني... من العراق جذبت انتباهي، تأتي بين حين وحين، امرأةٌ مُسنّة لا أرى غير وجهها المتعب وقد كسته التجاعيد، وعينيها المنطفئتين، وجسد ضئيل يلتفّ كالمومياء في عباءة كالحة، تنظر إلى البيت المتواضع بحسرة، تمسح بطرف عباءتها شبّاكه اليتيم الذي يطلّ على الشارع، تلصق وجهها بزجاج النافذة كأنها تراقب شيئًا وراءه، تذرف دموعًا ساخنة ثم تتكوّر على الأرض وتضع رأسها بين ساقيها وتبكي. نسيتُ أن أذكر لكم أنني أملك الدكانة الصغيرة الملاصقة لهذا البيت، الذي اشتريته منذ فترة قصيرة. ألحّ عليّ فضولي أن أسألها في آخر مرّة رأيتها فيها عن سرّ ذلك البيت المتداعي، وسرّ النافذة؛ فأوجعتني القصّة التي روتها لي، وسأحكيها كما سمعتها منها. "كان هذا بيتنا، والآن لم يعد لنا؛ فقد باعه أولادي الثلاثة بعد وفاة والدهم، أصرّ- رحمه الله- على أن يكتب الدار باسمي؛ لكنني رفضت احترامًا له، كنا عائلة فقيرة، زوجي عامل بناء، وأنا أصنع المكانس والمهافيف من جريد النخل وأبيعها في سوق المدينة، وحين وجدت أن ذلك لا يسدّ نفقات دراسة الأولاد، أخذت أبيع الخبز، تنقلنا من بيت لآخر، وتعب أولادنا من كثرة تغيير مدا...