سأبيع رفاتي:للشاعر القدير فادي مصطفى من سوريا
قصيدتان بواحدة
سأبيع رفاتي
يا موتُ هلّي أن أبيعَ رُفاتي
لمُزاودٍ يأتي إلى الأمواتِ
ما كنتُ أصحبُ في حياتي درهماً
علّي سأكسبُهم بُعَيدَ وفاتي
قوت الصّغار إذا هجرتُ ربيعهم
فاللّيل لم يبرح منَ الأوقاتِ
والشّمس لم تشرق على حقلي ولم
أخرج بأحلامٍ بطول سُباتي
عود الشّباب اشتدَّ في هذي الكرى
ماذا أقول لصبيتي وبناتي
والدّربُ مال ولا أظنُّ سيستوي
وسينتهي في آخر الأبياتِ
ما كنت في هذي الحياة بوارثٍ
غير الدُّيون تضاعفت بحياتي
ومُطالبٌ بشموخ رايات البلا...
...د ولن أُلاقي ما يفيد دواتي
نهرٌ منَ الأحزان يمشي تحتنا
والظّلمُ يجرفُ آخر الأصواتِ
فَيَدي مُكبّلةٌ وصوتيَ خافتٌ
وجنين صبري لم يلد بثباتي
الصّبحُ أحلكُ من ليالٍ عشتها
فالشّمس لم تشرق برغم صلاتي
أضلاع صدري لم تَسَع نبضاتهُ
أحتاج أميالاً منَ الفلواتِ
لكنّني في سجن أيّام الأسى
قضبان عَوزٍ نارها مشكاتي
لو طال يوماً آخراً عمري به
فهي الحظوظ تكاتفت لنجاتي
ما كنت أبحث عن حياةٍ إنّما
ليعيشَ حرّاً من أتى من ذاتي
تقضي الأبوّةُ أن أؤمّنَ طفلتي
من أجل هذا قد أبيع رفاتي
ثمّ ماذا
في ظلام المشهدِ
اللّيل يسقطُ بعد عتم المشهدِ
وحجاب ظلٍّ صار شعري يرتدي
والصّمت أصبح قربةً مملوءةً
بالصّوت لكن قفلها تحت اليدِ
لو رفَّ جنحي فالسّهام تحضّرت
والكبت أصعب من سجون المعتدي
والنّار تحرق من يلوذ بدفئها
والصّيف أبردُ من حريق المرقدِ
أمُّ الرّياح تقاعدت في بيدري
تذري حصادي في رماد الموقدِ
عقدٌ وزاد من السّنين ولم يزل
جمع الزّكاة من الفقير المُبعدِ
الحاء تأخذُ من سلامي ميمهُ
والرّاءُ نصف الحبّ تسكن للغدِ
يا ويل أمٍّ لا تجود لطفلها
يا أمّةَ الأعراب إنّك مقصدي
بلدي الجريحة جرحها من إخوةٍ
والبئر أعمق من حبال المنجدِ
والماء جفّت من عيون حياتنا
مع أنّها نبعٌ غزير الموردِ
لن تشربَ الصّهباء من كرمٍ غدا
حرّاسهُ للسّيف نصل المبردِ
لا همَّ إلّا أن تفيض مخازنٌ
ذهباً تبارك جمعهُ في المعبدِ
بؤس البلاد تحالف الشّيطان مع
أزلامها والحرب ذات الموعدِ
هذي بلاد العرب يا خجلي بها
واللّيل يبقى في أتون المشهدِ
بقلمي فادي مصطفى
تعليقات
إرسال تعليق