السباق::قصة قصيرة للقاص المصري عادل أبو عويشه

السباق ( قصة قصيرة)
 بقلم عادل ابو عويشة
كل من يرى المشهد يقف ، جالس او مترجّل ، عابر سبيل او متسكّع، تدور العيون في المحاجر .. تشرئب الاعناق ، يغشى الجميع شعور بالدهشة و الدعابة الى جانب الترقّب و الاحساس بالخوف .  لم يجد صاحب عربة كارّو وسيلة يتحدّى بها قائد سيّارة مرسيدس سوى ان يسابقه ! . عندما توقفت السيّارة على يمين الطريق امام احد الحوانيت ، نزل قائدها ، ابتاع شيئا ، استدار ليركب ، مرًت الكارّو امامه ، صدم راكبها المراة الجانبية للسيًارة ، حدجه صاحبها بسهام نارية ، صاح فيه بلا ارادة :  حاسب يا عربجي .
استشاط الاخير غضبا ، تدفّق من فيه سيل من سباب ، تباطأ قليلا ، ادركه صاحب السيّارة ، حاذاه ، استوى بهما الركب ، سارا كفرسي رهان ، و كلمات متبادلة غير مسموعة يعبث بها الهواء ، تتوه وسط الضوضاء .  الكارًو تتحرًش بالمرسيدس ، تزاحمها  ، تلتحم بها ، لا تستطيع نملة ان تتواجد بينهما ، يساعد على ذلك ضيق عرض الشارع و الزحام .
السباق الحقيقي كان يدور في الخفاء !  بين العناد و التعلًق بالمستحيل من ناحية ، و الثقة و تحيًن الفرصة من ناحية اخرى .
الناس اختلفت وجهات نظرهم تجاه الموقف ، لم يكن صراعا ظاهرا بين مركبتين نتيجته محسومة لا يشك فيها ذو عقل سليم و عينين تريان الامور كما تجري في اعنتها ، لكنه صراع خفي يعتمل في النفوس التي جًبلت باطيافها على مبالغة غير محسوبة فترتفع بكل مستصغر لترى فيه شيئا لا يستحقٌه ، او السفول بكل مستطاب لتغمطه ما يستحقّه ، كأن نقاشا يدور .. جدلا يحتدم ، صراعا يحتدً لكن في صمت ، البعض تعاطف مع الكارًو او بالاحرى مع الحصان الذي سيق الى معركة هو خاسرها ، مضافا الى ارهاقه و الخطر الذي ينتظره بين لحظة و اخرى ، البعض الاخر راى في المرسيدس وجه حقً ، لم يخطئ من البداية ، و الامر الطبيعي ان يسير في طريقه بلا مضايقة او اثارة المتاعب ، و .. على الطريق نفرىيتابع منتظرا النتيجة واثقا منها .
عند اشارة المرور توقًف الجميع ، تجمّدت نظراتهم وسط الزحام ، لم يستطع الغريمان ان يقفا وجها لوجه  ، و ان كانت العيون قد تكفّلت بكل ما يمكن ان يقال .  مع ظهور الضوء الاخضر مال سائق المرسيدس الى اليمين ، انطلق ، اختفى وسط الزحام مخلفا وراءه عينين تلعقان المستحيل و فما مترعا بألفاظ يعافها السمع و ... ضحكات المارًة ! .
( تمت ) مع تحياتي عادل ابو عويشة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تكويع:للشاعر عبد الرحمن القاسم الصطوف من سوريا

لأجلك:للشاعرة لمياء فرعون من سوريا

دموع الورد:بقلم الاستاذة منى غجري من سوريا