المبروك :قصة قصيرة للقاص المصري المبدع عادل ابو عويشه
المبروك ( قصة قصيرة )
بقلم عادل ابو عويشة
في حجرة نحتت في الظلام ، تتردد فيها أوراد الصمت ، جلس الرجل .. خلفه تتراءى شمعة يتراقص منها الضوء ، امامه مبخرة يتصاعد منها دخان يتلوّى كثعبان بلا هويّة ، تنبعث في المكان روائح متكسّرة تأتي من عصور غابرة ، تتناثر هنا و هناك قطع صغيرة ورقيّة .. جلديّة .. حجريّة او نباتيّة ، و اشياء اخرى مجهولة الهويّة ، بين فينة و اخرى يطلق الرجل همهمات مسحوقة تعقبها كلمات مبهمة من قاموس ضال ، يشير بيديه الى لاشيئ ، تهتز مسبحة طويلة مدلّاة على صدره ، و خصلات شعر هائمة تظهر من تحت غطاء أحكم فوق رأسه ، عيناه مرجلان يتوهًج فيهما نهم سافر ، و لكثرة ما حالف الرجل من نجاح في قضاء حوائج الناس لقًبوه بالمبروك .
فتح الباب ، أدخل شاب يجرً قدميه كأنه أت من نهاية العالم ليلقى حتفه في اخر يوم من حياته ، ينخر الحزن عظامه ، يجثو الهمً على ظهره ، يخبو في عينيه الامل ، يحبو على كاهله اليأس ، تردد قليلا ، تقدًم و ... جلس في اطراق . أخذ الانتظار بخناقه ، استجار بالصبر ، خذله . اخيرا جاءه صوت المبروك قويّا عميقا واثقا ، قال عبارات كثيرة كأنه يقرأ في كتاب ، بعضها صادق .. توغّل في خباياه .. تغلغل في طواياه ، البعض الاخر لا يمتً اليه بصلة أو لم يفهمه ، لكنه استراح ، امتدًت بداخله مساحات للامان ، تبددت سحب كم تراكمت في أفقه ، انقشعت غيوم لطالما كدًرت صفوه ، و ... أسرً اليه بما يعينه على محننه . لكن الشاب تعجًب .. كيف عرف عنه كل ما قال ؟ ، حقًا انه مبروك .
فجأة .. تناهى الى سمعهما صراخ ، راح يعلو و يعلو ، تعددت مصادره ، اندفع الباب ، جاء النعيّ يعلن في فزع انّ البيت يتهاوى ، اهتزّت الجدران ، انتفض المبروك ، هرول مذعورا ، انقطعت مسبحته ، انفرطت حباتها ، خرج يهذي و الشاب في اثره .. في حيرة من أمره ! .
( تمت ) مع تحياتي عادل ابو عويشة
تعليقات
إرسال تعليق