الى اسطورة لبنان/وديع الصافي/للشاعر السوري المتالق عادل ناصيف
إلى أسطورة لبنان ملاك الفن وديع الصافي أُعيد نشر قصيدتي هذه بمناسبة ذكرى رحيله من هذه الدنيا حين لبّى نداء رَبِّه تاركاً لناعبق الشعر المموسق يذوب عسلاً من شفتيه خوابيَ تتعتّق مع الزمن كلما مرّ عليها عام ازدادت عبقاً عطّرت نسيم الوطن ورقّصتْ جباله وذراريه وجذبت إليها الحناجر تستقي الروائع والبدائع من منهله العذب الصافي .
ملاك الفن
ودّعتُ فيك مواهباً وعطاءَ
ووداعةً ونقاوةً ،،،،، وصفاءَ
الواحدُ الفردُ العظيمُ إذا ثوى
أبكى البلادَ وأتعبَ الشعراءَ
أمّا وكيفَ به إذا ملَكَ القلوبَ
بشخصهِ واستحْوزَ الجوزاءَ ؟
وعلى صدى أنغامهِ ولحونهِ
أغنى الحياةَ وعطّرَ،،،الأجواءَ
حارتْ بيَ الكلماتُ حين دعوتها
والشعرُ ضلّ طريقَه وتناءى
وإذا بشيطان القصيدة هزّني
دَعْ عنكَ شعرَ الوصفِ والإطراءَ
ودَعِ الرثاءَ فأنتَ لستَ بمأتمٍ
عرسُ الخلودِ هنا وليس عزاءَ
هذا الذي ترثيه ليس بعابرٍ
سيظلُّ صبحاً بينكم ،،،ومساءَ
إنَّ الكبارَ وَإِنْ توارَوا في الثرى
يبقون رغمَ رحيلهِمْ ،،،،أحياءَ
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أنا يا ملاكَ الفنِّ قربكَ حائرٌ
أأرى عظيماً فيكَ ،،أم عظماءَ ؟
ستظلُّ في لبنانَ طوداً شامخاً
وعمودَ نورٍ يستفيض ضياءَ
لَوْ جُمِّعَ الشعراءُ في فم شاعرٍ
ليفيكَ حقّكَ بالكلامِ ،،،،،،،،لَناءَ
وحياةِ مجدِكَ ما يُقَطَّرُ في فمي
زخّاتُ عاطفةٍ وليس ،،،،،،،رثاءَ
أبتِ القصيدةُ أنْ تظلَّ على فمي
جرحاً ينزُّ ونغمةً ،،،،،،،خرساءَ
أعطيتَ لبنان العظيمَ وجاهة
وكرامةً أعطيتَهُ ،،،،،،،،،،،،وإباءَ
وكبارُ ساستهِ استباحوا عِرضَهُ
وتقاسموهُ مُمَزَّقاً ،،،،،،،،،أشلاءَ
وتناهبوه وحمّلوه وِزرهُمْ
واستمرؤوه أضاحياً ،،،،،،،،ودماءَ
يا فخر لبنان الأبيِّ ومجدَه
ووديعَه ،،،،،،،،،،والروضةَ الغنّاءَ
الأرزُ في لبنانَ أرهقه الظما
وتناثرت ،،،،،،،،،،،،أوراقه إغماءَ
مَنْ ذا الذي يسقيه من آماقهِ
شهدَ الخلود ويحملُ الأعباءَ ؟
صنّينُ يبكي صنوَهُ وسميّه
والطير يبكي الواحةَ ،الخضراءَ
والغصنُ حيرانٌ تدلّهَ بائساً
يبكي كنارَه والندى ،،،،،والماءَ
منذا يُرقّصُهُ على قيثارهِ
عند الصباحِ ويُسعِدُ ،،،،،،الأبناءَ ؟
عصفورة النهرينِ تسأل ما الذي
يجري وَمَن ذا عكّرَ ،،،،،الأجواءَ ؟
هلْ غادرَ الصافي ويتّمَ بعده
أهلَ الجمالِ فأطفؤوا الأضواءَ ؟
أمْ أنَّ في لبنان شيئاً مبهماً
أدمى القلوبَ وحيّرَ ،،،،،،، الأدباءَ
لَمْ يبقَ حيٌّ ما عرتْه رعشة
في القلب إلّا السادة الرؤساءَ
عبثوا بلبنان الجريح وفنّهِ
وتبادلوا نخبَ الكؤوس ،،،،،،رياءَ
أنا عند هذا النهرِ أبكي زمرة
موبوءةً وحكومةً ،،،،،،،،،،،جوفاءَ
الميّتون فقط وهم أولى بها
إنْ في الثرى كانوا وَإِنْ ،،،أحياءَ
إني أراه على جناح حمامة
جاب الفضاء مع الصباحِ غناءَ
نحن الطيورَ صغارنا وكبارنا
والروضَ والأزهار ،،،،،،،والأنداءَ
والأرزَ في صنّين والأدواحَ في
لبناننا والليلةَ ،،،،،،،،،،،،،القمراءَ
وكنارَها الصدّاحَ والفنَّ الرفيع
وسهلَها ،،،،،،،،والقبّة الزرقاءَ
والكرمَ والزيتونَ والأنهار فيها
- والجبالَ وأهلَها ،،، الشرفاءَ
مِنْ فوقِ هذا النهر ننعى دولة
ماتتْ وننعى قادةً ،،،،،،،،جبناءَ
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
لبّيكِ يا عصفورةَ النهرين إني
لن أكونَ أقلَّ منكِ ،،،،،،،وفاءَ
مِنْ قاسيون أتيتُ نحوكِ حاملاً
قلباً يفيضُ محبّةً ،،،،،،وإخاءَ
وأنا حداداً باسمكم يا سادتي
إني رفعتُ الرايةَ ،،،،السوداءَ
إني أرى الصافي سيبقى حاضراً
برّا وبحراً بيننا ،،،،،،،،،وفضاءَ
تهوي العروش وكلّ حكمٍ زائلٌ
ويظلُّ للفنّ الأصيلِ ،،،،،،،،،غِذاءَ
( لبنان يا قطعةْ سما ) في الأرض
غلّتْ من فم الصافي غنىً وبهاءَ
ورأت به إِذْ مرَّ في أبراجها
قمرَ السماء ،،،،،،،،ونجمها الوضّاءَ
لو كُنتَ يا لبنان تعرف ما دهاكَ
وما دها الأصحابَ ،،،،والندماءَ
لجعلتَ منه معلماً وركزتَه
علَماً كأرزكَ شامخاً ،،،،،،،ولواءَ
أنا من دمشق الشام جئتُ معاتباً
ما مثلُ ذاك نودّعُ ،،،،،،العظماءَ
هم قادةُ الأجيال هم ساداتها
هم يصنعون الأمّةَ ،،،،،،الشمّاءَ
هذا الذي عبر الفضاء بشدوه
أغنى الوجودَ وأطربَ ،،،،البؤساءَ
وسما وحلّق واستطال على المدا
زحمَ االنسورَ وروّضَ ،،،،العنقاءَ
إنْ لم يكنْ دمعٌ وصوتٌ نادبٌ
فأقلُّه أنْ ،،،،،،،،،،تلزموا الإصغاء (١)
فإليكَ يا ملكَ الغناء كتبتها
نقشاً على خدِّ الزمان ،،،،،،،،، ثناءَ
١٧/ ١٠ / ٢٠١٣ /
كندا كالكري
(١ )سأل أحد الصحفيين رئيس مجلس وزراء لبنان إن كان سيعلن الحداد في هذا اليوم
أجاب باستهزاء وبرم رأسه ثم رفعه إلى الأعلى ساخراً
تعليقات
إرسال تعليق