الوصية:للشاعر التونسي عماد الدين التونسي

 الْوَصِيَّةُ


الْحُبُّ لِلْخَضْرَاءِ مَكْنُونٌ وَ فِي   

طِيبِ الشَّوَامِلِ أَلْفُ مَدْلُولٍ خَفِي


لُغْزُ الشُّرُودِ أَرَاهُ شَيْبَ زُلَيْخَةٍ 

فِي وَصْفِ يُوسُفَ مَاءُ زَمْزَمَ يَنْكَفِي


قِبْصِيَّتِي رُؤْيَا الْجَنُوبِ لَطَالَمَا 

شَيَّعْتِ تَمْرَ الْعَالَمِينَ بِمَقْطَفِي


فَكٌّ لِأُحْجِيَةِ السَّمَاءِ وَجِيبُهَا 

بَابٌ عَتِيقٌ مِنْ زَمَانٍ مُتْرِفِ


كُلِّي تَيَمُّمُهَا مَنَاسِكُ قُبْلَةٍ 

يَرْنُو لَهَا أَوْتَارُ نَبْضٍ مُدْنَفِ


عُصْفُورُ مَعْنَى الْإِنْعِتَاقِ أُرِيدُهَا 

لَوْ ذُبْتُ فِي أَنْوَارِهَا لَمْ أَكْتَفِ


لَوَّحْتُ بِالْأَنْغَامِ عُنْوَانِي فَبِي

مَكْتُوبُ عِشْقٍ فِي رِئَاتِ الْمُنْزِفِ


مِحْرَابِيَ الْأَزَلِيُّ فِي صَمْتِي أَنَا 

فَيْضٌ مِنَ الْخَفَقَانِ نَحْتُ تَهَفْهُفِ


مِعْرَاجُ أَنْفَاسِي مَرَاسِمُ دَعْوَةٍ 

نَطُّ الْجَوَى مِنْ عَاكِفٍ مُتَصَوِّفِ


التِّينُ وَ الزَّيْتُونُ فِي مُزْدَانَتِي 

هِبَةٌ مِنَ الرَّحْمَانِ هَدْيُ تَلَهُّفِي


قَرْطَاجُ فِي طَرْزِ الْحَكَايَا آيَةٌ 

نَادَتْ أَ يَا بِلْقِيسُ مِنْ شَهْدِي اُرْشُفِي


تَانِيتُهَا وَصْلُ الثَّبَاتِ أَبُثُّهَا  

تَغْرِيدَةُ الْإِصْبَاحِ فَوْتُ تَخَوُّفِي


وَ أُضِيفُ إِنْ طَالَ السَّوَادُ فَلَيْسَ لِي

إِلَّا بَرِيقُكِ مَنْ يُبَدِّدُ مُتْلَفِي


أُنْثَى الرِّوَايَاتِ الْعَرِيقَةِ قِبْلَتِي 

تَاءٌ مِنَ الْتَّوْقِ الدَّفِينِ الْمُورِفِ


رِئَةُ الْكَوَاكِبِ مِنْ مَرَايَا مَرْيَمِي

وَبِمَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ مَالَمْ يُوصَفِ


عُلِّمْتُ أَسْرَارَ التِّلَاوَةِ إِسْمُهَا  

شَغَفٌ يُضِيءُ طُيُوفَ بَوْحٍ نَازِفِ


وَ قَرَأْتُهَا لِلْظِلِّ وَجْهًا مُشْرِقًا

كَفَّنْتُ أَحْزَانِي وَ لَمْ أَتَأَسَّفِ


وَعَزَفْتُهَا فِي الْبَحْرِ مَوْجَ تَلَاطُمٍ

فَتَزَاحَمَتْ كُلُّ الْلُّغَاتِ بِمَعْزَفِي


شِعْرِي إِلَيْهَا لَوْحَةٌ زَيْتِيَّةٌ 

أَلْوَانُهَا حَوَّاءُ آدَمَ مَرْشَفِي


نَارٌ وَ إِبْرَاهِيمُ فِيهَا مُؤْنِسِي  

بَرْدًا تَكُونُ وَ بِالسَّلَامِ لِتَأْلَفِي


سَبْعُونَ صَيْفًا وَالْلَّهِيبُ بِجَمْرَتِي 

يَا حُرْقَتِي فِي الْبُعْدِ كَيْفَ سَتَنْطَفِي


قَدْ تَحْبُلُ الْأَيَّامُ بَهْجَتُهَا إِذَا 

جَاءَ الرَّبِيعُ وِلَادَةً لِتَشَوُّفِ


جِبْرِيلَتِي وَحْيُ الْحَيَاةِ وَ رُوحُهَا 

صَبْرِي عَلَيْهَا صَبْرَ أَيُّوبَ الْوَفِي


أَنَا فِي الْغَرَامِ الْآنَ  أَوَّلُ آخِرِي 

عَنْ دِفْءِ هَذَا الْحُضْنِ لَا لَنْ أَخْتَفِي


سَأَعِيشُ أَصْدَحُ لَيْسَ مِنْ مُتَغَطْرِسٍ 

نِدٌ لِتُونِسَ فَالْإِلَهُ بِهَا حَفِي


لَنْ تُسْتَبَاحَ قَصِيدَتِي إِنِّي الْكَرَى 

سَرْجُ الْمَلَاحِمِ بِالْعَمُودِ سَأَحْتَفِ


هِيَ فِي النِّهَايَةِ قِصَّةٌ لِبِدَايَةٍ 

كَمْ سِحْتُ فِي أَحْلَامِهَا بِتَلَطُّفِ


مَجْنُونُ بَدْرُكِ يَا سَلِيلَةَ أَنْجُمٍ   

يَرْجُو تَجَلِّي الشَّمْسِ لَكِنْ مَا شـُفِي


مُكْتَظُّ آهَاتٍ أَتَيْتُكِ طَائِفًا 

لِلْحَجِّ مَوْلَاتِي بِدُونِ تَكَلُّفِ


فَقَطَفْتُ مِنْ أَحْدَاقِ حَوْضِكِ رِحْلَةً 

مَنْ عَطَّرَتْ رِيحِي بِمَا لَمْ يُقْطَفِ


سَأَمُوتُ لَكِنْ بَعْدُ أُبْعَثُ بَذْرَةً 

مِنْ طُهْرِ طِينِكِ وَالْعُبُورُ بِمَذْرَفِي


أَمْضِي وَأَتْرُكُ لِلْبِلَادِ وَصِيَّةً

وَلْهَانُ لَوْ أَنْصَفْتِ أَوْ لَمْ تُنْصِفِي


عِمَادُ الدِّينِ التُّونِسِيُّ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تكويع:للشاعر عبد الرحمن القاسم الصطوف من سوريا

لأجلك:للشاعرة لمياء فرعون من سوريا

دموع الورد:بقلم الاستاذة منى غجري من سوريا