مني السؤال ومنك الاجابة:نص نثري للاديبة السورية فاطمة جعفر
منّي السُّؤالُ ومنكَ الإجابة
حيثُ العتمةُ لا تفعلُ بحضوركَ شيء، أبدأُ بباقاتِ الزَّيزفونِ وتحيَّةِ العِطر، أزفُّكَ بها وأنا بأوَجِ الانبهار! بينما هفهفاتِها تختلطُ بعبيرِكَ حولي،
تتغَلغلُ بحُريّةٍ داخلَ الرُّوحِ وتجعلُ الأفكارَ المُحتدمةَ داخلي تسيرُ باتّجاهٍ وحيدٍ تريدُ الجواب؟
كيفَ تُدغدِغُ بصوتِكَ خَدَّ اللَّيلِ فيشتَعل؟
وتغازلُ النَّجمةَ فينسكِبُ نورها مُنكَبًّا على وجه الأرض، وتجمعُ ذراتِ الهواءِ بحُنجرتكَ لتُعيدَ هندستَها بما يليق، ثمَّ مثل عودِ ثقابٍ تُضرمُ فيها الدَّهشةَ فتَفتحُ في الفؤادِ ألفَ ممرٍّ للضِّياءِ والنُّور.
أخبرني أيُّها الرَّبيعُ عن ديمومةِ الإِزهارِ بين شفتيك؟
هل عصافيرُ حنجرتِكَ تتغذَّى على الآياتِ المقدَّسةِ أم على نفائسَ التَّراتيل!
هل تُلبسُها من سُندسِ الجنَّاتِ أم تَسقيها من رحيقِها المختوم؟
يسرقُني لحنُها الصُّوفيُّ كلَّ يومٍ إلى أبعدِ سماء،
ثمَّ كلَّما حاولتُ الرُّجوعَ تسحبُني لأغرقَ في عذوبتَها،
ولأنَّني أكرهُ الفوضى وكركبَةَ الحواس، أبقى غارقةً دون حراك،
اعذرني يا ظفيرةً من ظفائرِ الشَّمسِ لأنَّني مرارًا أسرقُ من كلماتِكَ الدِّفء، وأنسجُ من همسِكَ دِثارًا يحميني من الضَّجيج، فأفرحُ ساعةً وساعةً أخرى أخاف،
أخافُ من الوقوعِ في طينِ الخيبة، كأنَّما ذاكَ الشُّعورُ يسري مع الدَّم ويميعُ وينزلقُ وينسكبُ ويسيلْ،
أخافُ تبدُّلَ الفصول، وأخافُ أن يهاجرَ الاخضرار لكوكبٍ جديد، تاركًا لي رمادَ الأخيلةِ يتطايرُ في فضاءِ أحلامي، وأكوامَ الملحِ المترسِّبة في بحيراتِ الدَّمع،
أخافُ أيضًا أن يتلطَّخَ قلبي بالشُّوق، وأتوهُ في رَدهةِ الصَّمتِ باحثةً عنك ورائحةُ الاحتراقِ في مُهجتي تفوح، لكن أين المفرّ؟
ما دام سرُّ اللُّغاتِ فيك،
وفيكَ تلألؤُ الموج، وفيكَ التَّوهجُ والاتّقاد
وفيكَ النَّغمُ الحنون.
#فاطمة_جعفر
تعليقات
إرسال تعليق