من روح هرمه:نص نثري للكاتبة السوريه فاطمة جعفر
مِنْ نومٍ آخر
مِنْ روحٍ هَرِمة
عن التَّمويه، عن الأحكامِ في غيرِ أماكنها، عن الأشياءِ الشَّبيهة بأكذوبة، والعناوين الوهميَّة التي تكبِّدنا مسافةَ الطَّريق وعناء الرِّحلة، المهجورة والكائنة في مواقعها، المعروفة الجهات والتَّائهة في جهاتها، المنسيَّة من الذِّكر، والمذكورة بالأفواه وألسنتها، حين يتوارى العدلُ وتستَتِر الحقيقة، ويُصبح تلوينُ النَّوايا للأغلبيَّة هواية، توصفُ امرأةٌ يَغلي في جوفها بركانٌ بأنَّها باردة، وتُنعتُ أخرى بالعاقرِ مع أنَّها حملَت فكرةً وأنجبتها، يَنتحلُ الرَّبيعُ صفةَ الخريفِ ويَعيثُ خرابا، واعتداءات البردِ على الفقراء تحظى بالبراءة، تقتاتُ شريدةٌ أشهى الأحلام وتبدو جائعة، ويبيتُ متسوِّلٌ في بيت قصيدةٍ لأنَّه بلا مأوى، وروح أحدهم مبقَّعة بالحزنِ ويُقالُ عنه نظيفا، يَختلسُ حزينٌ من وجه العابرين ضحكةً ولا يُحاسَب، ويُحاكَم الزَّمانُ على آثامٍ لم يقترفها، تُشتَمُ الرِّيحُ على أفعالها اللَّا إراديَّة، ويُصفَّقُ لمن أجرمَ قاصدًا متعمِّدا، يَسطو الألمُ متطاولًا على القلوبِ المهترئة، والفرحةُ تستحي أمام الظلِِّ من قُصر قامتها، فلا يُدهِش انحيازُ الخلقِ للخلاص، ولا يَصدُم تجرُّدهم من كلِّ خديعة، الكونُ ظلام، وحقُّ العقلِ أن تلمعَ فقاعاته في أرضٍ حُرَّة، غير ملطَّخة بأحلامٍ مبالغة في قتامتها، ودون أنْ تكونَ آتية من يومٍ يَنشطرُ لليلين، مِنْ نومٍ آخر، مِنْ روحٍ هَرِمة.
#فاطمة_جعفر
تعليقات
إرسال تعليق