لن يقرأ احد نصي: نص نثري بقلم الاستاذة فاطمة جعفر من سوريا
لن يقرأ أحدٌ نصي
أرسله لصديقي فيعدُني بقراءته لاحقا ثم ينسى،
أرسله لصديقتي فتشاهده ثم تصمت،
ألقيه على مسامع أحدهم فيستمع لأول سطر ثم يُشغل سمعه عني،
أختي تقول: إنني أثرثر،
إن وجَدَته أمي على الطاولة استخدمَتْه لمسح نوافذ المنزل،
تقول دائما: (إن الورق يجعل الزجاج يلمع أكثر)، فأضحك من نصٍّ أسودَ لأنني عثرتُ فيه على فائدة أخيرا،
كتبتُ في النص السابق عن الأشخاص الذين يُشبهون الصفر على يسار الرقم واحد، وحاولتُ اقتراف بعض الجنون!
فرسمتُ قاربا وضعتُ فيه أشخاصا لم أعد أريدُهم في حياتي، ثم رسمتُ تحت القارب ماءً ودفعتُه بكفٍّ تلوّح وقلبٍ يتمنى لهم ذهابا بلا عودة،
قرارٌ صنعتُه على الورق لأنني لا أملك الجرأة الكافية للتخلي، ولا أملك حاذقا يردمُ الهوَّةَ التي وجدتُها بين
(الجنة بلا ناس ما بتنداس) و (البعد عن الناس غنيمة).
لا أملكُ جوابا ولا أحدا ولا قلبا مع أنهم كُثرٌ حولي،
مئة وأكثر من الأصدقاء، مئة وأكثر من الأقرباء، مئة وأكثر من...
ولا أملكُ إلا تساؤلات أكتبُها وأعلَمُ أن أحدا لن يقرأ نصِّي!
ما الفائدة من كثرة يُغني عنها قلب واحد نتمنّاه أن يشعر؟
ما الفائدة من لمّات تشبه لمة القطط على ذبيحة اللحام؟
ما الفائدة من لمّات تراقب عثراتنا لتشمت؟ ولمات تحسد كاتبا تعلم أنه يكتب ولا أحد يقرأ نصه.
مزدحمٌ نهاري لكنَّ حضورهم مثل غيابهم، لذا قررتُ أن أكتبَ كل ما أردتُ فعله وما استطعتُ في هذا النص.
سأكتبه مطمئنة، وأنشره في آخر الأخبار مرتاحة،
دون وَرَعٍ سأفصح عن رغباتي التي لن تصلهم، سأذمُّ من أزعجني ولن يعلم،
وأوثّق كيف أن الكثير مثل القليل لا ينفعون ولا يقرؤون ولا يهتمون بما أفعل، وربما وهبتُه لشحَّاذ في الطريق، سيظنني مجنونة! مع أنه نصّ ثمين،
هكذا سمعتُ أحدهم يقول بعد أن سقط نصي على رأسه من يد أمي وهي تمسح به نافذة المنزل.
#فاطمة_جعفر
تعليقات
إرسال تعليق