ثوب العيد:خاطرة للاديبة السورية فاطمة جعفر

 ثوب العيد


قُصّي بياضُ الوقتِ يا أمي، وفصِّلي منه ثوبًا من السَّعادة يأتي على مقاسي، انتخبي له خيوطًا مغزولةً من ضحكة طفلٍ في سنواتِ عمره الأولى حتّى لا أعي شيئًا عن سببِ ابتهاجي، وبطانة سُندسيَّة لا سميكة ولا شفافة تناسب هوائي، وقبلَ أن تقطبيه اقرأي عليه ثلاث آياتٍ من سورة طه حتّى لا أشقى أبدًا، وأتقنيه وانتبهي جيدًا لئلّا تُفلتَ منه قطبة فيُقلِق النّقصُ هنائي، زخرفي ياقته بلؤلؤٍ له تباشير السُّرور التي أريدها أن تدغدغ عنقي، وزيِّنيه بعقدةٍ أنيقة لها لون القرنفل الأحمر علَّني أحفل بحبِّ يزنِّر خصري..

على الطرف الأيسر في المكان الذي يغطِّي القلبَ مباشرةً طرِّزي عليه حرف الألف بشكلٍ ناعمٍ ولا تسأليني لِم...وراعي خصوصيَّتي، وإنْ أردتِ استخدام الأزرار فأنا لا أفضِّل الصَّغيرة ولا الكبيرة، بل المتوسطة زهوةً ولمعانًا، اختاريها لي مصنوعة من العقيقِ اليمانيْ، أعلمُ أنَّه غالٍ لكنَّ ابنتكِ تستحقُّ أيضًا، 

أماه؛ إن حبكتِ أطرافه متِّنيها، وإنْ أطلتِ أكمامه قصِّريها، واستخدمي إبرةً بحجمٍ مناسبٍ حتَّى لا تُحدثَ فيه ثقوبًا تُعيدني إلى يأسي،

أعلم أنكِ ماهرة في حياكة الأدعية والابتهالات

فاجعلي منها شيئًا قدِّري مكانه أنتِ، ولا تفرِّطي بالقصاصات الزائدة منه أبدًا، لربما احتجت إلى ترقيعه في الأيام السّود التي تأتي، وإياكِ أن تراه ابنة الجيران فتقلِّدني وتحسدني وتسرقُ فرحتي مني، أدري أنّني بالغتُ في طلبي، فـلتعذري طمعي وتـحمَّلي ثِقَلِي

لكنَّ عيدي اقتربَ يا أمي. 


فـاطـمـة جـعـفر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تكويع:للشاعر عبد الرحمن القاسم الصطوف من سوريا

لأجلك:للشاعرة لمياء فرعون من سوريا

دموع الورد:بقلم الاستاذة منى غجري من سوريا