خبز الحروف:للشاعر فادي مصطفى من سوريا

 خبز الحروف 


شعري على فضح الجهالة يزمعُ 

من كان في فضح الجهالة يمنعُ 


إنّ الهوى لم يمنعِ البلوى بهِ 

لله ما فعلَ التّملّقُ أرفعُ 


بعض الفُتات على الضّعاف كثيرةٌ

وكثيرها لعزيزنا لا تقمعُ 


قولوا لمن سلك الجهالةَ أنّهُ 

في ذات يومٍ للنّدامة يخضعُ 


هل كان من حرق البيادر موئلاً 

أم أنّ من قتل الطّفولةِ مركعُ 


الجحدرُ المعتوهُ صار مكابراً 

إنَّ الخساسةَ للوضاعةِ ترفعُ 


والعالِمُ المرموقُ يدنو قبرَهُ 

فالعوز عن طلب المعارف يرجعُ


إنّ اليهودَ سلاحُهم من بيننا 

فالجهلُ أبوابَ المكاتبِ يقرعُ 


وجماعةٌ لبّوا نداء عدوِّهم 

جعلوا الجهالة للأوابدِ تخلعُ 


الدّربُ ضاق إذا مشيتَ مناصراً 

للحقِّ أو عينُ المخافةِ تدمعُ 


وشوارعُ العصيان أضحت مصدراً 

للمال حتّى دربهم يتوسَّعُ 


فنصيحتي يا من فقدتم رشدَكم 

العلم أرفعُ من غباءٍ فاسمعوا 


العلم من روض الجنان منابعٌ

والجهل فيه جهنَّمٌ تتموضعُ 


العلم يبني للورى مستقبلاً 

والجهل في قعر الثّرى يتقوقعُ 


إن كنتَ من جهلٍ تنالُ دراهماً 

فالعلم في كسب الدّراهم أنجعُ 


إن كنت في علمٍ تخوض مصاعباً

فالجهل في كلّ النّتائج يصفعُ 


لا تلتمس عذراً بأيِّ طريقةٍ 

فالعلمُ مفتوحٌ لمن يتطلّعُ 


هل كان نور الشّمس حكر طليعةٍ 

للنّاس جمعاً نورها يتوزّعُ 


إلّا منِ اتّخذَ الضَّلالةَ مخبأً

في عتم قبر الجهل خوفاً يقبعُ 


ارفع برأسكَ عالياً رغم الأسى 

ما خاب من جعل المعارف تشفعُ 


الفقر ليس بفقر مالٍ يا أخي 

بل فقر عقلٍ للمكاره يجمعُ 


كم من فقيرٍ في العلاء لواؤهُ 

كم من غنيٍّ في اللّظى يتوجّعُ 


فالعلم رغم صعابهِ هوَ سيِّدٌ

والجهل رغم تجبّرٍ يتصدَّعُ 


فاسبح ببحر العلم تنجو آخراً 

فعلى الشّواطئ كلّ جهلٍ يُصرَعُ 


واكتب على موج العلوم حكايةً 

علّم بها من كان علماً يطمعُ 


واجعل سراج العلم تحت مظلّةٍ 

تحميه إن جاءت أيادٍ تقطعُ 


من ألف عامٍ قد وجدتُ معارفاً 

للآن تنفعُ في الرّجاء وتُقنعُ 


من بيت شعرٍ قد لمستُ مشاعراً 

للآن فيها ما به أستمتعُ 


فاجعل حروفك في الظّلام مشاعلاً 

للنّور في عقل الطّفولة تزرعُ 


فالطّفل إن كان العلام بعقلهِ 

لا شكّ في بعض المراحل يُبدعُ 


اضرب بعلمك للصّخور ستنمحي 

مثل الرّحى قمحَ السّنابل تبلعُ


ونتاجها خبزٌ سيطعمُ جائعاً 

بل كالشّموس النّور منها يسطعُ 


لولا المعارفُ ما رأيتَ مشاعراً 

أو ما سمعتَ منَ الهوى ما يلسعُ 


بعض الجبال الرّاسيات تحرّكت 

من هول علمٍ فوقها يتربّعُ 


والنّار من عود الثّقاب تعاظمت 

والنّور من قدحِ المعارف يلمعُ 


قلْ لي بربّكَ هل مشيتَ على الهوى 

أو هل وحوش الغاب كانت تخضعُ 


لولا علومُ الأوّلين وعقلُهم 

والقائمين على كتابٍ قد سعوا 


أنا ما قطفت الحرف عن شجر الهوى 

بل كان جهداً في المكاتب ينفعُ 


أنا ما ورثتُ ولا نقلتُ ولم أكن 

إلّا بعقلٍ راجحٍ يتوسّعُ 


فالنّور يملأ كلّ أصقاع الدّنى 

باب المحبّة في القلوب مشرّعُ 


فافتح برأسك باب معرفةٍ ترى 

أنّ المعارف للدّخول ستسرعُ 


إن كنت في الصّحراء تطلب مخرجاً 

فالفكر أبواب المخارج يصنعُ 


أو كنت في جهلٍ بأرض كنانةٍ 

تجِدِ السّراب على تخومك يخدعُ 


فاجعل بنانك لليراع مرافقاً 

واجعل عيانك للعلا تتطلّعُ 


ما قام ضدَّ الحقِّ إلّا جاهلاً 

فالكفر من ثدي الجهالة يرضعُ 


دع عنك ما كسب الرّعاع منَ الغنى 

فالمال يفنى والمذلّةُ تبخعُ 


واجعل منَ الجسد الّذي تبدو بهِ 

كغلاف علمٍ للشّذا مستودعُ 


لا خير في علمٍ إذا ما جاد في 

مكنونه للنّاس حتّى يشبعوا 


واجعل كتابك للبريّةِ منهلاً 

واسقِ العطاش معارفاً كي يهجعوا 


ما خاب من يعطي العلوم لشعبهِ

فالعلمُ أمنٌ للبلاد وموقعُ 


والجهل يهدم كلّ آمال الورى 

بل إنّهُ من كلّ شيءٍ أبشعُ 


علّم وليدكَ إن وددتَ ترفّعاً 

يسمو بها صوب العلاء ويطلعُ 


ويلٌ لمن في الجهل أبناءٌ لهُ

يقضي الحياة معذّباً إن لم يعوا 


هذي بلاد العرب صار غطاؤها 

جهلاً وقهراً والمآسي تنبعُ 


أمّا بلاد الغرب إنّ رداءها 

بالعلم من ثلج العروبة أنصعُ 


تبقى السّكينة بعض ما كتب الهوى 

والرّوح تأوي للسّكون وتهرعُ 


فاجعل هواك منَ المعارف يستقي 

شيئاً فشيئاً شعبنا يتجرّعُ 


وارفق مع الأهواء سيل مناقبٍ 

إنّ الجهول من المناقب يفزعُ 


وأضف على كأس الصّبابة مشهداً 

في العلم يشربُهُ الشّباب ويكرعُ 


توفيق ربّي ما أهيب وأرتجي 

أضحى بناني للجهالةِ يمنعُ 


بقلمي فادي مصطفى

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تكويع:للشاعر عبد الرحمن القاسم الصطوف من سوريا

لأجلك:للشاعرة لمياء فرعون من سوريا

دموع الورد:بقلم الاستاذة منى غجري من سوريا