وصية شهيد :نص نثري لبشاعر بسام اليافعي من اليمن

وصية شهيد .... حبيبتي اذكريني قبل أن تفتح عيناكِ الجفون، أو ترى حجم المآسي والدمار. قبل أن يبدأ فيها الفجر مشوار الدموع . قبل أن تمتد كفاكِ لكوب الشاي من دون اشتهاء . او تلامسْ دفئه المسلوب في كل صباح. واذكريني قبل أن تأخذي منه رشفةً ربما تأتيكِ أصوات النواح، قبلما تنهين زيف الإبتسامة . واذكريني قبل أن تستيقظ الأخبار في كل الشوارع. عن ضحايا الأمس في إحدى حوارينا القريبة. أو يقطب وجهك الشاحب حزنا عن قريبٍ أو صديق. قبل أن تنعي إليك اليوم أخبار السويعات القليلة. حينما نُمْتي بلا نومٍ وأضنتكِ كوابيس المدافع . أسرةٌ لم يبقَ منها غير ذكراها الأليمة، ومشافٍ لم يَعدْ فيها لمن أبقتْهُ أيدي الموت معلولا ينازع. لم يعد فيها مجالا لمزيد من أنينٍ أو مواجع. واذكريني بعد أن يذهب أطفال المدينة حالمي المستقبل المجهول ما بين الدفاتر حاملين الواقع المشؤوم في غض المشاعر. واذكريني قبل أن تقطع عنهم آلةُ الحربِ الطريقْ . أو تمزق بعضهم حتى يعاني ما تبقى منهم الموت البطئ . مثلما تغرق أحلام الطفولة عنوةً بين الدماء ، أو نشيع تحت نيران القذائف كل يومٍ من أهالينا شهيد ........ واذكريني.. واعذرني عندما يأتي المساء مرهقا من يومه الدامي ولا يلقى سلاما، ولتعيشِ وحدكِ الآن حكايانا البئيسة حينما يبحث فينا طفلنا المرعوب عن بعض الأمان. كم تحاول كل أمٍ أن تلملم طفلها من بين أنياب الفجائع وتنادي زوجها الغارق في خيباته ألا يُبالغ. آه... كم كنا نحاول أن نربت طفلنا ألا يخاف بينما في الأصل نحن الخائفونَ ، وننام الليل جوعى يملؤ الخوف البطونَ . فأعذريني.. وحذاري أن يَسَلْكِ ابننا يوما لماذا يحمل الأعباء طفلا... ولماذا لايذاكر . واصنعِ منه كبيرا كي يواجه حظه العاثر لا يخشى المخاطر.. وازرعِ فيه لهذي الأرض قلبا يمنيا لا يقامر . فغدا لابد آتٍ وحذاري أن يهاجر . بسام اليافعي