بعض خيبتي:للشاعر القدير فادي مصطفى من سوريا
بعض خيبتي
سِرْ بي إلى وادٍ مضى يا صاحِ
ريح التّحمّلِ ضيَّعت مفتاحي
سِرْ بي فَدَيتُكَ فالزّمانُ أساء لي
وتكسّرت فوق الصّخور رماحي
ماجَ الهوان على تصبّرِ شاعرٍ
واللّيل أطفأَ عامداً مصباحي
أنا شاعرٌ أردفتُ كلّ مشاعري
بالشّعر علّي أنتمي لنجاحِ
لكنّنا عربٌ تحدَّدَ لونَنا
جسداً طريّاً أو عيون ملاحِ
أسفي على أوراق ذاكرةٍ هَمَت
بين السّطور وواكبت أتراحي
جرداءَ كلّ مكاتبٍ منّي خلت
لن ترتقي ألقاً بغير صداحي
هذي دواويني دمائي حبرُها
جفّت عروقي واكتست ألواحي
ذهب الرّبيع ولم يقف بحديقتي
ذبُلَت ورودي واختفت أفراحي
هل من سخيٍّ يشتري أرجوحةً
علّقتُها من مغربي لصباحي
درج الصّعود معاجزٌ لا تنتهي
أمّا الهبوط فنفخةٌ برياحِ
البعض كان معرّشاً ومهرّجاً
وأنا اكتفيتُ بخافقٍ لمّاحِ
سِر بي إلى ما قبل شعرٍ قلتُهُ
فجميع أقوالي بأرض السّاحِ
غنّت عصافير الهوى أنشودتي
واللّحنُ حلَّقَ في صدى الأرواحِ
لكنّما الأقدار في أحكام من
صدأت يديهم واكتفوا بجراحي
يا ليتني ما كنت يوماً شاعراً
أبداً ولا صار الشّعور سلاحي
في أمّتي صوت النّشاذ حمامةٌ
والمال ديكٌ يرتقي بصياحِ
في أمّتي موت الحياء فضيلةٌ
والفقر عيبٌ ينتهي بنواحِ
في أمّتي تلقى الحرامَ محلّلاً
وحرامهُ لو كان للفلّاحِ
للجالسينَ مرابحٌ دون الورى
فالواقفون مناجم الأرباحِ
الزّيف أطول من حدود قصيدتي
والدّودُ ينخرُ حبّةَ التّفّاحِ
من كان يسمع صوت آلامي بها
لم يعرف الزّيتون بالإصلاحِ
تلك الحديقةُ درب أزهاري بها
والسّور أعلى من هوى أطماحي
هذي البلاد تلوّنت عَرَصاَتُها
إلّا بلون العدل والإصفاحِ
يكفي بأن تجدَ الغرابَ بعلوةٍ
والنّسر بين مساكن الأشباحِ
سِر بي إلى قرنٍ مضى يا صاحبي
علّي ألملمُ بعض ريش جناحي
كلّ البساتين الّتي ودّعتُها
ظنّت بأنّ الهجرَ بعض مزاحِ
خَجِلٌ أنا من خيبتي وسذاجتي
خَجِلٌ من الأشجار والأقداحِ
خلتُ السّموَّ لكلّ من حقّاً لهُ
يا خيبتي بعدالة الإطراحِ
سأعود للكرم الّذي حضنَ الهوى
خذني بعيدآ وانسني يا صاحِ
بقلمي فادي مصطفى
تعليقات
إرسال تعليق