أنا الغريق:للشاعر فادي مصطفى من سوريا
أنا الغريق
أنا الغريقُ الّذي تاهت به السّفنُ
وضيّعتني رياحٌ ساقها الوطنُ
أنا الجريح رصاص الغدر آلمني
أنا القتيل ولم يقبل بيَ الكفنُ
يا سائلي ولسان الرّدّ أعجزني
عنِ الرّدود ولم يسعف يدي البدنُ
مُحاربٌ قلمي والأقربون لهم
كلّ النّصيب بحربٍ جلّها فتنُ
القهر يعزف آهاتاً على وتري
والشّعر تدخلُ من أبوابه المحنُ
ما عدتُ أذكر طعم السّعد أكتبهُ
كلّ الحروف لها الموجوع مرتهنُ
يا مُنزلَ الغيث أكرمْ بعض قافيتي
خلّ الشّتاء بروح الشّعر يقترنُ
إنّي مللتُ من الآلام في كتبي
فالدّفلُ يُبدلُ أزهاري ويحتضنُ
كلّ الدّروب الّتي للخير أسلكها
قد أودعتني سريراً نومه خشنُ
إنّي ابتسمتُ وأخفيت الدّموع بها
لا يعلم النّاس أنّي للأسى كفنُ
هل يعلم البعضُ ممّن خان موطِنَهُ
أنّي بذلتُ دماءً دونها الشّجنُ
فما لقيتُ وفاءً للجراح هنا
ومن تقاعسَ جبناً عادهُ الثّمنُ
جاورتُ قبريَ لم يفتح إليَّ يداً
والجرح يعبث في أعماقه العفنُ
البعض يجمع أحجاراً ليسكنها
والبعض يجمع ياقوتاً بمن دُفنوا
من يستغلّ دموع الخلق متّكئاً
على الحوائج معبودٌ له الوثنُ
من كان يسرق رمل البيد يعرفه
والثّلج يعرف من في لونه كمنوا
هوّن عليك ولا تبدي الغباء بهم
ستكشف الرّيح ما أخفيت والزّمنُ
أنا اكتفيتُ من الآلام في بلدٍ
فيه العروبة كذّابٌ وملتعنُ
ظلّ اليراع يعاني ضيق محبرتي
حتى كتبت حروفاً صاغها الزّمنُ
النّاس تشهد في الأقوال موجعها
كأنّ فكريَ للأوجاع يمتهنُ
مازلت أغرقُ في وحل الرّماد أنا
هذا الغريق ستمضي فوقه السّفنُ
بقلمي فادي مصطفى
تعليقات
إرسال تعليق