ملّني جلدي:للشاعر فادي مصطفى من سوريا
ملّني جلَدي
قام اليراعُ فخافت ظلَّه الكتبُ
والحبر تعبث في ألوانه الرّتبُ
ونجمة اللّيل غابت قبل موعدها
فسارق الفجر بعد الفجر يضطربُ
هوّن عليكَ فمن للّيل يحرسه
إلّا الغراب ومجنونٌ ومكتئبُ
جديلة النّور قُصَّت من منابتها
فمن تجرّأ قول الحقّ يا عربُ
من ألف عامٍ وذيل الذّئب مختبئٌ
تحت العباءة حتّى راحت الحجبُ
جميع من قرأ التّاريخ يعرفهم
لكنّما الشّاة خانت ثقلها الرّكبُ
زرفت شعريَ في الآلام محتسباً
أنّ المواجع تُبدي صوت من ضُربوا
نظرتُ خلفي فلم أشهد بهم أحداً
الخوف كبّل أقداماً لمن يثبُ
لا تُغلق الباب لو في الباب مقتدرٌ
سيفتح الدّارَ أولادٌ بها لعبوا
فمن توجّع ممّن خان عروتنا
غير الّذي سمع الآهات يا نوَبُ
إنّ الكفيف شروق الشّمس يجهله
يصحو صباحاً كمن للنّور يرتقبُ
الشّوك أسهبَ في تجريح أرجلنا
ولا انتعلنا من الأخفاف ما يجبُ
الرّيح نعرف أنّ الغرب مصدرها
مع ذلك النّفَسُ الغربيّ ينتصبُ
إلى الجحيم دروبٌ من تجاهلنا
عن الجهالة في أقوال من خطبوا
نلازم الصّمت لو ثارت قريحتنا
ونركب الموج لو يشدو بنا الطّربُ
تجثو على صخب الأيّام قافيتي
وينتفي الحلم المسكون يا أدبُ
تمشي الحروف بدمعي مثل قافلةٍ
إلى اليراع فغطّت إثرها السّحبُ
أشكو العروبة أم أشكو حناجرها
أم أشتكي الخمر من خدّيك يا عنبُ
فما ارتويتُ من البحر المحيط بنا
ولا تركت طريقاً عابه الغضبُ
حظّي سحابة صيفٍ في مزارعنا
فلا شربتُ ولم أظفر بمن شربوا
جنيتُ من سبق الأحلام مكتبةً
منها رزقتُ بمولودٍ به العجبُ
وخلتُ نفسيَ أنّ الصّرح مكتملٌ
لكنّ صرحيَ لم يدخل به الكذبُ
ظللتُ أزرع حتّى ملّني جَلَدي
فلا حصدتُ ولم أعرف من انتسبوا
الرّزق أضحى لمن في الشّأن مرتفعٌ
أمّا الكسيرُ فلا عيشاً ولا صببُ
ذقتُ المواجع حتّى صرت أحفظها
عن ظهر قلبٍ وقلبي شاقه التّعبُ
كلّ الجحور تآخى من بداخلها
إلّا بلادي فلا ديناً ولا نسبُ
بقلمي فادي مصطفى
تعليقات
إرسال تعليق