جرحي وطن:للشاعر بسام اليافعي من اليمن
جرحي وطن..
يا ليل هل لك غيري صاحبٌ و على
عينيه تشعل مثلي الهمَّ و الأرق
نحوي أراك إذا ما الناس قد نفروا
منك احتملتَ بلاهم و الدجى حنقا
وجئتَ عندي تلوم الحالَ مختنقا
منهم وتندبُ في صدري الحياةَ شقا
وجئتَ تشكو إليَّ الدهرَ منكسرا
وتشربُ الغبنُ في كأسي الذي اختنقا
تُمَزِّقُ الصمتَ في روحي و تُغرقها
في الهمِّ توقدُ في أرجائها القلقا
ألا تراني وما أشكوه من زمني
وما أُلالقيه منه. مِنِّي قد خلقا
على الملامح شخصا لستُ أعرفُه
وَيَدَّعِي أنّهُ شخصي الذي احترقا
وأنَّهُ الصورة المُثلى التي بقيتْ
منِّي تقاومُ في عمري الردى غَرَقَا
أرنو إليه على المرآة أشفقُه
ولا أراه سوى لي يحملُ الشفقا
أُحَدِّقُ الطَرْفَ مصدوما ليطلبني
فيها وليس سواه أينما رمقا.
فيستحيلُ وقوفي محض أسئلةٍ
مخنوقةٍ بآسى قلبي الذي صُعِقا
أين الذي كنتُ يا مِرْآةُ من زمنٍ
خبَّأتُه فيك وجهي الطفل والألق
أَلِفْتُ فيه حبورا حول يُوسُفِه
كلُ النساءِ يُقطِّعِنَ المُنى شبقا
كم سار في الناس و الإجلالُ يسبقه
وعطرُه يملأ الآفاقَ و الطرقا
ما كنتُ أقرأ في فنجان طالعه
إلا رأيتُ غدا في صدره ائتلقا
وما أقتفيتَ على أحداقه نظرا
إلا رأيتَ طموحا. يملأُ الأفقا
ولا جلستَ إليه أو نزلتَ به
يوما وما ازددتَ من أنسامه عبقا
واليوم ياليل ُ آهٍ .. كلما نظرتْ
مِرْآتُه فيه غضَّتْ عنده الحدقا
وأطرقتْ وجهها عنه لتصرفه
عنها وما احتملتْ في حاله الغسقا
ونافقتْه بصوتٍ نصفُه كَلِمٌ
ونصفُه أدمعٌ من جريها اختنقا
كما يُلقِّنُ شيخٌ مَيِّتا. همستْ
لاتيأسنَّ.
وباقي نصحها انشرقا*
لم يبقَ لي من رفاقٍ غير صحبتها
وشبه جسم وذاك النجم لو صدقا
وهاجسٌ كلما حاولت ُ أَجْبُرُه
أقضَّ مضجعَه ( يمني ) الذي انسرقا
فأشعل الكونَ حولى مأتما و على
نعشي أذاع مراثي كل مَنْ سَبَقا
فكيف أسلو وجرحي حجمُه وطنٌ
ونزفُ قلبيَ عُمُرٌ في الأسى. نفقا
فأين أهربُ من حالي و أعْبُرُه
ماداموا مثلي ضحايا فيه والرُّفَقَا
بسام اليافعي
*انشرقا = من الشُرْقَة
تعليقات
إرسال تعليق