مابين بين:للشاعر القدير فادي مصطفى من سوريا
مابين بين
في الضّفّةِ الأُخرى لبحر اليائسين
عزف المساء فرائض اللّحن الحزين
فتشكّلت أمواج أضغاث النّوى
وتحالف الحبر المدمّى والأنين
طرقت بنات العين باب جفونها
والنّفس تكره أن تجاهرَ بالحنين
اللّيل أطبق جفنَه متجهّماً
والرّوح تسبح في الفضاء المستكين
دع عنك قيد الوهن يا قلمي وقل
من كان عنك موارباً ومن الأمين
أطرقتُ رأسي ناكساً وعدي له
ألّا يميلَ إلى نهايات السّنين
لكنّ أكتافي تهشّمَ عظمُها
من ثقل حملٍ كاد يفتك بالوتين
ضيّعتُ من بذر المحبّة نصفهُ
في أرض جفرٍ لا تساوي طرف عين
فقد استوت عند الوضيع جداولي
مع حرف أنثى تسلك الدّرب المشين
أبكي على صدق المعاول في الثّرى
قهراً وضاع الكدّ في موت الجنين
ما كان من ذاك اليباس تألّمي
لكن ظننتُ الماءَ يحييِ اليابسين
مرضُ الولاء لكلّ ثورٍ ناطحٍ
لو كان يسرق من حقول البائسين
متزيّناً بزهور مقبرة الورى
متعطّشاً بشذى دماء الياسمين
إلّا البصيرة لا تراه مجعّداً
فالعين تشهد لمعة العقد الثّمين
وأنا سلختُ قشوره ولحاءه
الدّود ينخر في قلوب المتخمين
اضرب على وتر العشيرة كي ترى
هل كان لحن الحبّ أم أوهام دين
ربّي أعنّي في مناصرتي لمن
جعل المشاعرَ مرفأً للطّيّبين
إنّي جعلتُ الحبّ ديناً للعلا
وهطول شعري من غيوم العاشقين
أنا ما عرفت الكره والبغض الّذي
جعل الضّياءَ معتّماً للخائفين
بل كنت أستبق الرّياح محمّلاً
هبّاتها أملاً برغم المشترين
أنا لا أبيع محبّتي بدراهمٍ
رغم استياءٍ من عروض البائعين
قد قلت قولي راضياً بتعثّري
فلطالما ضاع المنى مابين بين
فادي مصطفى
تعليقات
إرسال تعليق