اختيار صعب:قصة قصيرة للقاص المصري المبدع عادل ابو عويشه
اختيار صعب ( قصة قصيرة )
بقلم عادل ابو عويشة
الأب يرقد شاحبا ، تهصره سكرات الموت ، تتحلّق حوله عيون دامعة .. صدور فاجعة ، ما خلا الابن الأكبر انتبذ منهم مكانا قصيّا تتنازعه مشاعر شتّى . البارحة استودعه والده سرّا ، لم يهبط منه في قرار ، جاهد أبوه كثيرا و هو يودّع الحياة ليجود بكلمات قليلة ينقّي بها سريرته . فالثروة التي ستؤول الى الأبناء جمعها سحتا مستغلّا نفوذه الواسع . لم ينتشله من همّه الّا صراخ يعلن النهاية .
خرج لينهي اجراءات الدفن ، استقلّ سيّارة المتوفّى، احسّ بأصابعه فوق المقود تهمس بأشياء لم يتبيّنها ، يتأرجح أمامه عبرالأفق ميزان متاكل ، صدئت كفّتاه ، يتناهى الى أذنيه صوت أشباح أتية من خرابات منتشرة على جانبي الطريق . عندما ابتاع الكفن نقد التاجر ، تردد قليلا كأنه يتساءل : هل يجوز ؟ . لأول مرّة يتراءى له فريق من الناس خبثاء مرائين يتحدّثون عن الفضيلة و هم على خلق وضيع .. هكذا أبوه ؟! ، تمتم على استحياء " سأستغغر لك ربي " !
أثناء تشييع الجنازة سار مهموما ، يجرّ قدميه ، من طرف خفي يتفحّص المشيّعين ، يستنطق الوجوه علّه يظفر باجابة عن سؤال مبهم يسابق دمه و يزاحم أنفاسه .
السرادق كبير مهيب ، يليق برجل ذي مهابة ذائع الصيت ، جلس يتلقّى العزاء ، لم يشعر بما حوله ، افترس رأسه المكدود مصير مجهول ، هل يطلع أمه و أخوته على السرّ ؟ أيحذّرهم ؟ هل يحصل على ميراثه و يتبرّع به لجهة خيرية و يدع أمه و أخوته دون أن يعرفوا شيئا ؟ أيدّخر كل الثروة و ينتفع بريعها و لا يمسّ الثروة نفسها ؟ هل يتناسى السرّ و يتصرّف في نصيبه من التركة غاضّا الطرف عن وخز الضمير ؟ .
لا يعرف كيف انتهى العزاء لكنه ألفى نفسه متعبا في فراشه و قد استقرً عزمه على مشاورة صديقه الشيخ حسن صاحب الأراء الحكيمة المستنيرة و ليكن ما يكون ، بيد انه سابغه التعب فراح في سبات عميق ! .
( تمت ) مع تحياتي عادل ابو عويشة
تعليقات
إرسال تعليق