الغريبان:للشاعر السوري أكرم عبد الكريم ونوس
الغَــريـــــبـان
-------------
أَفَــلا تَـذكُــرُ ..
أَيَّــامَ تـلاقـيــنا حَـبـيــبـي .
قُربَ سَفحٍ ..
سُندُسيِّ الوَشيِ وَردِيٍّ قَشيبِ .
وَدَّعتهُ الشَّمسُ ..
وانسابتْ..
إلى خِدرِ المَغيبِ .
حَولنا الأَفنانُ والأطيارُ تَشدو ..
وَحمامُ الدَّوحِ..
يُشجيهِ غِناءُ العَندليبِ .
وَمَغانٍ عَطَّرتْ أَرجاءَها ..
بِأَريجِ الحبِّ أَنفاسُ مَهاها .
جَنَّةٌ فيها اللآلي ..
وَقطوفٌ مِن جُمانٍ وَدراري ..
ماؤُها السَّلسلُ ..
والمٍسكُ ثَراها .
وَعناقيدُ الدَّوالي ,,
مُغنِياتٌ عَن مَصابيحِ دُجاها .
والفَراشاتُ سُكارى..
من رَحيقٍ وطيوبِ .
وَكلانا آثَرَ الصَّمتَ ..
شَجيَّاً بِأَحاديثِ القُلوبِ .
إِنَّما الدُّنيــا كَحَسناءَ لَعــــوبِ .
كُلُّ ما فيها يَبابْ .
كَنزُها ..
جَوهَرُها ..
ياقوتُها ..
تاجُ بَهاها ..
كُلُّهُ كانَ سَراب .
ظَنَّهُ الظَّمآنُ ماءً ..
بَينَ تَلٍّ وَكثيبِ .
بَهَرتنا بِثُريَّاتِ المَغاني ..
خَدعَتنا بِشُعاعاتِ الأَماني ..
فَـإذا نَحـنُ غَـريــبـــانِ ..
وَآهٍ لِلـغَــريـــبِ ,
بيننا المنفى ..
وبَحرٌ مِن هُمومٍ ..
ورُكـامٌ مـن كُـروبِ
كَأْسَ غِسلينٍ وَزُقُّومٍ ..
سَقانا الدَّهرُ في لَيلِ الخُطوبِ .
أَتُرانا ما شَهدناهُ يَقينا ..
أَم تُرانا لَم نَزَلْ غَرقى ..
بِكابوسٍ رَهيبِ .
كَم مَشَينا فَوقَ أَشواكٍ ..
وَجَمرٍ وَلَهيـبِ
ونَسينا قَسوةَ الآلامِ ..
حَتَّى لَم نَعدْ نُعنى ..
بِأَوجاعِ الدُّروبِ .
فَكما العاشقُ ..
يَكسوهُ رداءٌ من شُحوبِ .
وَكما يَخبو شُعاعُ الشَّمسٍ ..
إِبَّانَ الغُروبِ .
هكذا قلبي ..
بَراهُ الوَجدُ من هجرٍ حَبيبي
فَحذارِي ..
يا شَقيقَ الرُّوحِ من دَهرٍ خَلوبِ
شِعر
أَكرم عبدالكريم ونُّوس
سوريا
------------------
قَشيب: جميل
الخلوب: المخادع
تعليقات
إرسال تعليق