غداة الطّعن:للشاعر المبدع فادي مصطفى من سوريا
غداة الطّعن. (وافر تام)
سلوا قلبي غداة الطّعن كم تعبا
وكم أفنى على طرقاتكم غضبا
وكم كسّرتُ أقواساً أخبّئها
لأنّي لم أردّ السّهم من ضربا
فقلبي قلب طفلٍ يرتجي فرحاً
وظنّ الطّفل ما في قوسكم لُعبا
أنايَ الآن ترفضني وتشجبني
بمن سكتوا عن الحقّ الّذي ذهبا
ضمير الشّعب ميتٌ من ولادتهِ
فمن يحيا بقلبٍ... ضاع واحتجبا
فكم كسّرتُ من أغصان مزرعتي
لأشعلَ نار من أغضى ومن طلبا
فهل من لامس الزّيت الّذي يغلي
إذا قارنتَ في مثل الّذي شربا
وهل من راقب النّيران عن كثبٍ
بمثلي حينما مسكت يدي اللّهبا
أنامُ اللّيل محنيّاً على حلمي
أخاف الحِلْمَ أن يمضي كمن هربا
فغمد السّيف ملتصقٌ بنصلتهِ
وسيفي من زمان الحرب ما سُحِبا
تعاتبني قوافي الشّعر في جَلَدي
أما حانت سنان الحرف أن تثبا
أما حانت بساتيني بأن ترمي
عن النّخل الّذي شذّبتهُ رُطَبا
يراعي لم يقف يوماً ولم يقنط
برغم الظّلم في أوراق من حسبا
على ميناء أحلامي وقفتُ وقد
رأيتُ جميع من راحوا أتوا ذَهَبا
ومجدافي تكسّرَ من فِعال يدٍ
بلا هدفٍ .. وحَسبي أعرف السّببا
رجائي من ظلام اللّيل نجمته
وهم يجنون من عتماته العجبا
يرومون الظّلام لأجل متعتهم
وأبغي فيه عيناً تقرأ الكتبا
شراييني غدت في ريش محبرتي
فأقضي اللّيل مغشيّاً بما كُتِبا
أقول لخافقي اهدأ ولا تنبض
كأنّي قد طلبتُ الغيث والسّحبا
فشلّالٌ من الآهات أمطرهُ
وبحرٌ من رمال الهمِّ ما نضبا
ضريراً كنت عمّن أجهضوا قلمي
بل استُعميتُ عن أفعال من كذبا
لأنسى بعض من عاثوا بأوتاري
خراباً أو أبيع العشق والصّببا
سأترككم لربٍّ يفهم النّجوى
ويقبل من دعاءٍ يرفض العتبا
جداول موسمي الماضي وقد جفّت
وريح الموت لا تستبعد العربا
فكم صالوا وكم جالوا وكم ماتوا
وكم رفعوا من الأقلام من رسبا
جراد الصّيف ولّى عن مضاربهم
غراب الغرب كلّ حصادهم سلبا
فيا ليت المراتب لم تكن أصلاً
ولا الغربان نالوا فوقنا رتبا
أنا المظلوم من شذّاذ آفاقٍ
حذائي فاق كلّ جباههم أدبا
نريد النّور لكن دونما جهدٍ
فكلّ الجهد راح ليعصر العنبا
فيا ليت المشاعر لم تجد طرقاً
إلى صدري ولم أسمع لهم خُطَبا
فقد جعلوا من الأشرار أشرافاً
وأشراف الورى صاروا لهم حطبا
فلو أنّي مع الأشرار معتدلٌ
لكنتُ عرفتُ من للشّرّ قد شربا
ولكن نبضة الشّادي بلا أجرٍ
وفخ الخبث من أغصانه اقتربا
فادي مصطفى
تعليقات
إرسال تعليق